1.3 الصدمة التكنولوجية | كتاب لينكس الشامل | >> |
بزوغ فجر المصادر المفتوحة كان إعلاناً عن انهيار الحاجز بين عالم التكنولوجيا المتفوقة والتكنلوجيا المتداولة المتاحة فقبل ذلك ومنذ 1970 كان هناك أجهزة خارقة وبرمجيات متعلقة بها كانت هذه التكنولوجيا محصورة على دول محددة(ولا يزال بقايا) وتمنع هذه الدول بيع هذه التتكنولوجيا خارج حدودها؛ لأن هذه الدول تظن أن تداول هكذا أجهزة أو برمجيات مستخدمة في مواقع حساسة قد يكشف عن ثغراتها وقد تكون بين أيدي معادية. فقد كان كل ما يصلنا هو من النوع التجاري أي المتداول وكل الخبراء لدينا وجامعاتنا هي من النوع الثاني على مبدأ "اليوم الذي ليس لك لا تعده" ، والفرق بين النوعين ليس مجرد فرق في القوة بل فرق جذري من طريقة تسمية الملفات إلى طريقة حمايتها.
عندما ظهرت فكرة المصادر المفتوحة كان الإعتقاد السائد بأن من يعمل بها هم باحثين عن عمل يفعلون ذلك ليجدوا عمل في المصادر المغلقة أو هواة، ولكن المفاجئة كانت بأنها كانت تكنولوجيا من العيار الثقيل. والسبب كون العاملين فيها كانوا مؤسسات بحث علمي وجامعات وشركات كبرى . مثلاً طريقة التشفير التي حددتها المعايير الفدرالية لمعالجة البيانات US Government Federal Information Processing Standards تحديداً FIPS 46-3 والتي نشرتها المؤسسة الوطنية الأمريكية للمعايير والتكنولوجيا NIST أي National Institute of Standards and Technology والتي سميت DES هي أضعف بكثير من تلك التي وضعتها منظمة البرامج الحرة (جنو www.gnu.org ) حالياً لا تسمح NIST باستخدام طريقة DES على أجهزة الحكومة الأمريكية. وقد تعجب إذا علمت أن الوكالة الأمريكي للأمن القومي NSA (الموقع www.nsa.gov) هي من مطوري نواة لينكس خاصة حيث تطور مشروع اسمه SELinux وهو نسخة معدلة من إصدارات نواة لينكس ولأن لينكس نظام مفتوح المصدر فإن الوكالة مجبرة بموجب الرخصة بوضع الملف المصدري وإتاحته لكل العالم. وللعلم فإن الكثير من توزيعات لينكس حائزة على موافقة وزارة الدفاع الأمريكية DOD. حالياً أضخم جهاز حاسوب خارق في العالم (وثاني أضخم واحد أيضاً) يدار بنظام لينكس. سبب كل هذه الثقة هو الفلسفة التي تقول إن البرامج مفتوحة المصدر يرى العالم كله الكود الخاص بها لهذا ينعدم احتمال وجود ثغرات مقصودة أو أجزاء معادية ويقل احتمال وجود هفوات وتلك الهفوات يمكن لأي شخص ودون انتظار الإذن من أحد أن يصلحها ويعدل في الملف المصدري ولأن الملف المصدري هو الشيء الذي سينفذه الحاسوب ويمكن للإنسان أن يفهمه ولأنها مفتوحة فإنه يتوجب نشر التعديل ليصبح متاحاً للعالم. وربما تستغرب إن قوانين الولايات المتحدة تمنع تصدير طرق التشفير إلا التي تكون مفتوحة مع بعض القيود. كما أن الأمن لا يقوم على افتراض جهل الآخر بطريقة عملك.
ما ورد أعلاه لا يشكل صدمة وإنما هو أمر مفرح؛ أن تتمكن حتى الدول الفقيرة من الحصول على أقوى تكنولوجيا معلومات. ولكن الصدمة هي أنه وبعد كل هذا الفصل بين العالمين فإن معظم الخبراء(القلة هي من الخبرات المغتربة أو العائدة) لدينا هم من العالم التجاري وبالتالي لن نستطيع الاستفادة من العالم المصادر المفتوحة خصوصاً أن تداول البرامج مفتوحة المصدر يكون في أغلبه على شكل مصدر(كود) وليس في حلة جاهزة. ما يزيد الطين بلة هي أن صناع القرار والإعلام والمناهج التعليمية هي أيضاً من خبراء العالم التجاري. أكثر من ذلك أن الذي فاتنا ليس بالقليل فمثلاً عندما فكرت في ترجمة الكتيبات (Manual pages) وجدت أكثر من 50 ميغا من النص بحاجة لترجمة لم يترجم منها شيء. أكثر من ذلك أن البرامج تصدر وتنقرض بالملايين ونحن لم نعرف عنها شيء مثلاً يعرف VIM على أنه Vi IMproved أي أنه Vi المطور فإذا كنت لم تسمع ب Vi فكيف ستعرف ما هو VIM. وعندما يعرف After Step على أنه الرد المفتوح على NeXT Step ولكنك في الغالب لم تسمع عن أي منها. ما لدينا الآن هو أمية كبيرة جداً في صفوف الخبراء! ربما نسميها الخبرة المقنعة.
كنت أظن أني من اخترع هذا المصطلح "الخبرة المقنعة" ولكني عرفت مصطلح آخر كثير الاستعمال في عالم يونكس هو psedo-sience
المشكلة هنا ليست في وجود قلة/كثرة جاهلة بل أن يعتبروا خبراء وذوي تأثير على صناع قرار.مثلاً في أحد البرامج التعليمية للأطفال تقول المذيعة "سنصنع اليوم مغناطيساً ؛ أحضر مسطرة بلاستيكية وافركها بقطة صوف ثم قربها من قصاصات رقية وسنجد أن مغناطيسنا جذب الورق" هناك مقتلان في هذا الكلام الأول أن الكهرباء الساكنة ليست مغناطيس والثاني أن المغنطيس لا يجذب الورق. لهذا لا تلوموا أبنائكم على علامة العلوم. مثل آخر في منهاج الصف التاسع(للفئة العمرية 15 سنة) للحاسوب الذي هو أشبه بمجلة دعائية يتم تعليم الطلبة كيفية تركيب البرامج بخطوتين " 1)شغل برنامج setup أي التركيب 2) وافق على الاتفاقية " ، مخلفين كارثتين أولهما أنه لم يقل إقرأ الإتفاقية والأخطر من ذلك كيف تسمح لصبي بتحمل مسؤولية الالتزامات القانونية التي تلزمه(أو أهله) بدفع مبلغ من 70-300 دولار إضافة لتحمل الخسائر الممكنة وفقد الكفالة مثال يصدم أكثر يقول أحد الخبراء أن أول جهاز حاسوب صنعته شركة مايكروسوفت (المتخصصة بالبرمجيات! يبدو أنه لا يعرف الفرق بين البرمجيات والأجهزة). خبير آخر ومحلل تكنولوجي في أحد الصحف العربية المعروفة قبل عام 2000 بقليل يقول: "مشكلة عام 2000 ناتجة بسبب تخزين التاريخ بمنزلتين فقط أي أن 2000 تصبح 00 فيشعر الحاسوب بالإرتباك لأن التاريخ عاد للوراء من 99-00 مما يجعله يخطئ الحسابات وقد يحدث فيروس وقد تشتعل الشاشة." من قال له بأن الحاسوب له مشاعر وأنه يقوم بمقارنات لم تطلب منه ، من قال له بأن الفيروسات تنتج من تلقاء نفسها ومن قال له بأن ذلك يؤثر على دارة التزامن في الشاشة!!! خبير آخر في أحد القنوات العربية في برنامج متخصص يشرح عن أنظمة التشغيل يقول "أول نظام تشغيل هو دوس وقد أنتجته مايكروسوفت ثم أنتجت هذه الشركة ويندوز 3.1 ثم ويندوز 95 في عام 95 ثم ... وقد أنتجت شركة لينكس نظام ريدهات وشركة ليندوز نظام ليندوز الذي يجمع بين قوة لينكس وسهولة ويندوز" لدينا في هذه المقولة 7 أخطاء على الأقل : فأول دوس ليس من إنتاج مايكروسوفت بل من إنتاج IBM حتى الإصدار 3.0 وقد أنتجت مايكروسوفت دوس 3.1 !!! ثانياً دوس ليس الأول فقبله بعشرين سنة كان يونكس النظام الخامس الذي لم يكن الأول أيضاً!!! ثالثاً ويندوز 3.1 ليس نظام تشغيل ، رابعاً ويندوز 95 لم يصدر عام 1995 بل 1993 !! وتأخر في المحاكم بسبب قضية الإحتكار، خامساً لينكس ليس شركة!! kernel.ORG و linux.ORG و fsf.ORG و gnu.ORG هناك ORG بحجم الفيل ولم يرها، سادساً ريدهات ليست إصدار من لينكس وليست نظام تشغيل (إنها شركة وهي توزيعة أيضاً) ، سابعاً ليندوز ليس نظام تشغيل ، ليندوز هو توزيعة لينكس تأتي مع برنامج wine معد مسبقاً ومظهر theme لا يختلف كثيراً عن ويندوز!
تقول أحد طرائف برنامج fortune-mod أن نسبة الأمين والمتعلمين إلى السكان ثابتة في كل العصور، ولكن في العصر الحالي أصبح الأميون يستطيعون القراءة والكتابة.
لا تضحك، تذكر أنا أميون لا نحب أن نقرأ فإذا تحولت cancel إلى dismess فإنه في الغالب سيعتبر البرنامج أصبح صعب الاستعمال. تذكر أنا نرى الأشياء كما نتوقع أن تكون أو كما نتمنى أن تكون فلدينا أحكام مسبقة. نحن قوم نصدق الدعايات(الإعلانات) ونكذب المصدر. هل عرفت من أين كان هؤلاء الخبار يحصلون على معلوماتهم.
<< السابق | كتاب لينكس الشامل | التالي >> |