اسم الكتاب

نساء في القرآن قدوات وعبر

القسم

التربية والتعليم

عن الكتاب

الحمد لله الذي أنزل القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ رسول الله، المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فإن القرآن الكريم هو الكتاب الخالد، الذي لا تَنقضي عجائبه ولا تَخلق كثرةُ الترداد آياته، فيه قصص الأولين والآخرين، تلاوةً تُحيي القلوب، وذكرى تُعمر العقول. ومن بين تلك القصص العظيمة، تبرز شخصيات نسائية كان لها أثرٌ بالغ في مسيرة الدعوة والإيمان، فكنَّ نماذجَ مشرقةً تَتلمس الأجيالُ على اختلافها هداها، وتستلهم من مواقفها دروساً وعبراً.
لطالما شكلت المرأة محوراً أساسياً في بناء المجتمعات، فهي الأمُّ المربية، والأختُ المخلصة، والزوجةُ المعينة، والبنتُ البارة. وجاء القرآن ليُكرّم المرأة، ويُوضح مكانتها، ويُبرز أدوارها الجليلة من خلال نماذج حية، عاشت في واقعٍ متنوع، بين نعمةٍ وبلاء، وامتحانٍ واصطفاء.
في هذا الكتاب "نساء في القرآن: قدوات وعبر"، نحاول أن نسلط الضوء على هذه الشخصيات القرآنية الفذة، لا لمجرد سرد قصصهن، بل لاستنباط الدروس والعبر التي تهم المرأة المسلمة في واقعها المعاصر. فنجد:
• نموذج المرأة المؤمنة العميقة الإيمان مثل مريم ابنة عمران، التي كانت آيةً في الطهارة والعبادة والتصديق بكلمة الله، فصبرت واتقت فجعل الله منها وأبنها آية للعالمين.
• ونموذج الزوجة الصالحة مثل آسيّة امرأة فرعون، التي آثرت رضا الله على قصر طاغية متجبر، فاستحقت بتضحيتها أن يضرب الله بها المثل للمؤمنين.
• ونموذج الأميرة المؤمنة مثل بلقيس ملكة سبأ، التي جمعت بين الحكمة في القيادة والعقلانية في التفكير، وانتهت إلى التسليم لرب العالمين.
• ونموذج الزوجة الصابرة مثل أم موسى، التي أوحى الله إلى قلبها فصبرت وواثقت بوعد ربها، فكانت عاقبة أمرها فرجاً واطمئناناً.
• ونموذج المرأة المجادلة الحكيمة مثل أم سليمان، التي وقفت موقفاً أنثوياً رائعاً دفاعاً عن حقها وأهلها، فأنزل الله فيها قرآناً يتلى إلى يوم الدين.
وفي المقابل، عرض القرآن نماذج أخرى تحمل عبراً وتحذيرات، مثل امرأة نوح وامرأة لوط، اللتين خانتا رسالة الزوجية والإيمان تحت سقف بيتين من بيوت الأنبياء، ليُؤكد أن القرابة بالنسب لا تُغني عن الإيمان والعمل الصالح.
من خلال هذه الصفحات، ندعو القارئة والقارئ إلى رحلة تأملية في عالم هذه الشخصيات؛ لنرى كيف تعاملن مع ابتلاءات الحياة، وكيف جعلن من إيمانهن سلاحاً يقهرن به الظروف، وكيف كنَّ قدواتٍ في الصبر، والعفة، والحكمة، والقوة، والتسليم لأمر الله.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، ونافعاً لعباده، وأن يضيف إلى مكتبتنا الإسلامية لبنةً تنير الطريق للمرأة المسلمة المعاصرة، لتعرف قدرها، وتفخر بدينها، وتسير على درب من سبقنها بالإيمان.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
كتبه
فضيلة الشيخ : حذيفة بن حسين القحطاني
غفر الله لهُ ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين