اسم الكتاب

التجديد في التفسير بين المشروعية والانحراف

القسم

التربية والتعليم

عن الكتاب

مقدمة الكتاب
الحمد لله الذي أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء، وهدىً ورحمة للمؤمنين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي أرسله الله معلماً ومبيناً، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فإن تفسير القرآن الكريم يمثل الشريان الحيوي الذي يربط الأمة بوحي ربها، وينظم مسيرتها في الحياة. وقد شهدت مناهج التفسير على امتداد العصور تطوراً وتنوعاً، يجسد سعي الأمة الدؤوب لفهم كلام الله تعالى، واستنباط هداياته التي لا تنفد، استجابة لتحديات كل عصر، ومواكبة لمستجدات كل زمان.
وفي عصرنا الحاضر، حيث تواجه الأمة الإسلامية تحديات فكرية وحضارية جساماً، وتتسارع وتيرة التغير في جميع المجالات، برزت دعوات متعددة إلى "تجديد تفسير القرآن الكريم". فأصبح "التجديد" شعاراً ترفعه تيارات فكرية متباينة، ومنهجيات تفسيرية مختلفة، بل متناقضة أحياناً. وهذا الواقع يفرض علينا وقفة متأنية، وتمحيصاً دقيقاً، لفهم معنى هذا التجديد، وحدوده، وضوابطه.

من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب: "التجديد في التفسير: بين المشروعية والانحراف"، الذي نحاول من خلاله الإجابة عن أسئلة محورية تطرح نفسها بإلحاح:
• ما هو التجديد التفسيري المقصود شرعاً؟ وهل هو اجتهاد في تطبيق مناهج قائمة، أم ابتكار لمناهج جديدة بالكلية؟
• ما هي مجالات التجديد المشروعة؟ هل تقتصر على الجوانب اللغوية والأدبية فقط، أم تمتد إلى استنباط أحكام جديدة، أو قراءات اجتماعية وسياسية؟
• أين تكمن المشروعية؟ وما هي الضوابط التي تحفظ للتجديد مساره الصحيح، وتمنعه من التحول إلى تأويل باطل، أو تفسير بالهوى؟
• وأين يبدأ الانحراف؟ وما هي المؤشرات التي تدل على خروج محاولات التجديد عن الإطار الشرعي؟
يسعى هذا الكتاب إلى تقويم هذه الدعوات، وتمييز غثها من سمينها، من خلال منهجية علمية رصينة تقوم على:
1. الاستقراء: تتبع مظاهر ودعاوى التجديد في الكتابات التفسيرية المعاصرة.
2. التأصيل: ربط هذه الدعوات بأصول العلم الشرعي وقواعد التفسير المعتبرة.
3. التحليل والنقد: بيين مواطن القوة والضعف في هذه المناهج، وفق معايير موضوعية.
4. التمييز: فرز ما هو مقبول شرعاً وعقلاً، مما هو مرفوض أو محتاج إلى تعديل.
سيجول الكتاب في ميادين شتى، من التفسير الموضوعي، والتفسير العلمي، والقراءات الحداثية، والتفسير المقاصدي، وغيرها من المناهج التي تدعي التجديد، محاولاً وضع يد القارئ على نقاط الالتقاء والافتراق بينها وبين الأصول الراسخة.
إن هذا الجهد لا يدعي الكمال، ولا يزعم أنه قضى في الموضوع قضاء مبرماً، ولكنه محاولة لإضاءة الطريق، وتقديم خارطة تساعد طالب العلم والقارئ المتخصص على التمييز بين "تجديد" يخدم القرآن ويفتح كنوزه، و"انحراف" يبتعد به عن مقاصده ويلويه عن مراده.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه، ونافعاً لعباده، وأن يوفقنا جميعاً لفهم كتابه والعمل به، إنه نعم المولى ونعم النصير.
المؤلف

كتبه
فضيلة الشيخ : حذيفة بن حسين القحطاني
غفر الله لهُ ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين